تحت رعاية رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، نظمت وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين، ووزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة السياحة والآثار، حفلاً في المسرح البلدي بدار بلدية رام الله، مساء اليوم، إحياء لذكرى ميلاد الزعيم الهندي الأممي المهاتما غاندي، بالتزامن مع اليوم العالمي للاعنف، وذلك تقديراً لمسيرته النضالية الملهمة باتجاه حرية واستقلال الشعوب.
وقال وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو: شكل المهاتما غاندي علامة فارقة لجهة الانتماء لحرية الشعوب في التحرر من الاستعمار، هو الذي كان مصدراً من مصادر الإلهام لنضالات الشعب الفلسطيني على مدار العقود الماضية، وما زال حضوره المعنوي والأخلاقي أحد أهم مقومات التأثير في النضال الوطني الفلسطيني، لذا فحين نحتفي بذكرى ميلاده في فلسطين، فإننا نمتد في علاقاتنا ما بين الهند وفلسطين إلى الذاكرة والمستقبل معاً، وهي علاقة استراتيجية وتاريخية.
وأضاف بسيسو: المهاتما غاندي بمشواره الطويل في النضال من أجل التحرر من الاستعمار جمع مفردات الحياة اليومية، ليصوغ منها بيان التحرر، وبيان الانتماء للشعوب المضطهدة، وها هي فلسطين كل يوم بنضالات شعبها في الخان الأحمر، وفي الولجة، وفي القدس العاصمة، وفي جنين وسلفيت وطولكرم، وفي غزة، وكافة محافظات الوطن، تؤكد مرة أخرى بأن المقاومة الشعبية بكل مفرداتها تشكل امتداداً للرسالة التي جعل منها المهاتما غاندي رسالة كونية، ونحن في فلسطين نؤكد على وفائنا لهؤلاء من مبشري الحرية.
ولفت بسيسو إلى أن العام المقبل يشهد ذكرى مرور مائة وخمسين عاماً على ميلاد المهاتما غاندي، وهو العام الذي سيشهد عديد الفعاليات الثقافية، والفعاليات الأخرى الرمزية التي توثق العلاقات الفلسطينية الهندية، كصدور طابع بريد فلسطيني يحمل صورة المهاتما غاندي، وتعزيز آفاق التبادل الثقافي بين البلدين، وتعزيز العلاقة الاستراتيجية بينهما في كافة المجالات، مؤكداً اهتمام الحكومة على تعميق هذه الشراكة بين الشعبين، وتنمية العلاقة الثقافية تحديداً، في سياق ما يتعرض له شعبنا من جرائم واضطهاد يومي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بحيث تحضر رسالة المقاومة الشعبية واللاعنف في فلسطين.
وختم بالتأكيد على أن "مناصرة القضية الفلسطينية يعني الانحياز لقيم العدالة والإنسانية وحق الشعوب في ترجمة تطلعاتها نحو الحرية، وأن الفعاليات الثقافية على أرض فلسطين جزء من المقاومة الشعبية، وجزء من إيماننا بأن الثقافة أداة من أدوات النضال"، وقال: نحن فلسطين نرحب بكل مبدعي العالم كي يأتوا ليشاطروننا هذا الهواء، ويتقاسمون معنا بعضاً من الماء والزيت والزعتر، فالانحياز الأخلاقي لعدالة القضية الفلسطينية يقابله مناهضة كل أدوات الاضطهاد والتمييز والتفرقة التي يصنعها الاحتلال يومياً عبر مفرداته البشعة كالجدار والاستيطان والانتهاكات اليومية، لهذا فنداء فلسطين لكل المثقفين من الهند وكافة الدول الصديقة بالانحياز للمعايير الأخلاقية، فلا يمكن أن يكافأ الاستعمار بأي شكل من أشكال التعاون الثقافي، فهذا يعني الانحياز المضاد، وكأنه مكافأة للاستعمار عن جرائمه بحق الشعوب المضطهدة، فالثقافة جسر نحو العدالة والسلام ولا يمكن ان تكون تعبيراً عن التمييز والاضطهاد، وبهذا نكون أوفياء لرسالة غاندي.
بدوره شدد سفير جمهورية الهند لدى دولة فلسطين آنيش راجن، على المعاني الكبيرة التي يعكسها احتفاء دولة فلسطين وشعبها بذكرى مولد المهاتما غاندي، الذي كان يؤكد الحق الفلسطيني ورفض قرار تقسيم فلسطين، وبالتالي كانت الهند من بين الدول التي رفضت هذا القرار في الأمم المتحدة، مشدداً على أن غاندي ناضل على الدوام من اجل الحرية والعدالة والسلام، وتعزيز ثقافة اللاعنف، مشددا على عمق العلاقات ما بين الشعبين الهندي والفلسطيني.
وأكد السفير د. مازن شمسية، ممثلاً عن وزارة الخارجية والمغتربين، أن إحياء ذكرى مولد المهاتما غاندي، هو رسالة وفاء لهذا الرمز الأممي، الذي أكد على رفضه للمشروع الاستعماري في فلسطين، وأكد على حق الفلسطينيين على أرضهم، فهو القائل بأن "الدعوة إلى إنشاء وطن لليهود في فلسطين لا تعني الكثير بالنسبة لي، ففلسطين تنتمي للأمة العربية، كما تنتمي إنجلتزا للإنجليز وفرنسا للفرنسيين، وما جرى في فلسطين ليس له علاقة بأية منظومة أخلاقية".
واشتعرض ماجد الفتياني رئيس رابطة خريجي الهند مقولات في غاندي، خاصة عند رحيله، ما بين شخصيات هندية وعالمية وعربية تراوحت بين الساسة والعلماء والأدباء والمبدعين.
واشتمل الحفل على عديد الفقرات الفنية، من بينها عرض فيلم أعدته وزارة الثقافة اشتمل على آراء لمثقفين وفنانين حول الدور الأممي والملهم للمهاتما غاندي، وآخر أعدته وزارة الخارجية والمغتربين حول موقف المهاتما غاندي من القضية الفلسطينية، وتقرير أعده تلفزيون فلسطين حول فعاليات وزارة التربية والتعليم العالي في ذكرى مولده، إضافة إلى لوحات من الدبكة الشعبية على موقع موسيقى هندية وفلسطينية قدمتها فرقة أصايل للفنون الشعبية، ورسم حي للفنان محمد ديري خرج فيه بلوحتين للرئيس الشهيد ياسر عرفات وللمهاتما غاندي، فيما اختتم الحفل بإهداء وزير الثقافة بسيسو للسفير راجن، رسماً أعده الفنان وليد أيوب للمهاتما غاندي.